الأحد، 8 نوفمبر 2009

أسر جنود سعوديين، والدبابات السعودية تتقدم في عمق الأراضي اليمنية، وبوادر انشقاق في الجيش اليمني

أسر جنود سعوديين
والدبابات ال
سعودية تتقدم في عمق الأراضي اليمنية

وبوادر ان
شقاق في الجيش اليمني


اليمن - صعدة:
استعرت المعارك منذ صباح يوم الجمعة بين القوات السعودية والحوثيين، واستمر الطيران السعودي بقصف مناطق بعيدة عمّا يعتبره أراض سعودية قالت الحكومة السعودية ان القوات الحوثية تغلغلت اليها، حيث استمر قصف مديرية الملاحيظ، والقرى اليمنية أسفل مران وسوق الحصامة والقرى المجاورة للحدود السعودية، وهي ذات المناطق التي قصفها يوم أمس.

لكن التطور الجديد، هو أن الدبابات السعودية بدأت تغلغلها في عمق الأراضي اليمنية، تطبيقاً لما أشار ضمناً اليه البيان العسكري السعودي الرسمي يوم أمس من أن القوات السعودية ستدخل الأراضي اليمنية بالتنسيق مع حكومة علي عبدالله صالح. وقالت قناة العربية بأن الحوثيين هاجموا اليوم وبشكل مفاجئ مركزا لحرس الحدود السعودي ما أسفر عن إصابة خمسة من الحرس، وأن مجموعة من المقاتلين الحوثيين تسللت الى قرية "القرن" على بعد خمسة كيلومترات فقط من تمركز الجيش السعودي بالمنطقة الحدودية مع اليمن، وذلك لتخفيف الضغط أمام الهجوم الكبير الذي يشنه الجيش السعودي على الحوثيين والقرى في صعدة.

وفي وقت زعمت فيه السعودية أسر 50 شخصاً من المقاتلين الحوثيين، قال الحوثيون بأنهم اعتقلوا عدداً من الجنود السعوديين واستولوا على عدد من سيارات هامر عسكرية .. فيما لوحظ من الخطاب الإعلامي السعودي، بأنه يعتبر اليمنيين القاطنين على الحدود، أو أولئك الذين يحاولون التسلل للعمل أو التهريب في الأراضي السعودية، حوثيين، ولم يستبعد مراقبون أن يظهر الإعلام السعودي عدداً من هؤلاء على أنهم من المقاتلين الحوثيين. وكانت الصحافة السعودية قد أشارت يومين الى أن نحو ثلاثين ألف يمني قد تم القبض عليهم بتهمة التسلل للأراضي السعودية، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما يشير الى أن الحدود السعودية اليمنية لم تعد محصّنة عن الزلزال الذي جاءت به حرب علي عبدالله صالح السادسة ضد شعبه في صعدة.

السعودية التي توقع الكثيرون أنها ستتروى في قراراتها قبل أن تقتحم أراضي اليمن، لما له انعكاسات خطيرة على وضع الرئيس اليمني ابتداء، وعلى القوات السعودية نفسها غير المؤهلة للقتال، خاصة قتال العصابات، تجد نفسها متحمسة كثيراً للمعارك، وتعتقد بأنها قادرة على وضع القوات الحوثية بين فكي الكماشة، وإنقاذ الجيش اليمني العاجز عن حسم المعركة لصالحه.

وفي هذا الإطار اعتقد كثيرون بأن الرئيس علي عبدالله صالح قد جرّ السعودية الى الحرب، في حين أكد آخرون بأن الحرب السادسة ما هي الا اختراع سعودي، حرضت عليها وموّلتها ولكنها لم تأت بما تشتهي، حيث تبين ان الجيش اليمني عاجز عن الحسم. وفي هذا الإطار تتكرر في الإعلام شبه الرسمي الحكومي اتهامات للجيش اليمني نفسه بأنه متواطئ مع الحوثيين، وأن كثيراً من السلاح السعودي قد بيع لهم أو سلموه لهم بدلاً من أن يقاتلوهم به.

في الإطار السياسي، تعتقد السعودية بأن تضخم قوة الحوثيين، يعني انفراطاً لنظام حكم علي عبدالله صالح الذي يواجه دعوات انفصالية في الجنوب، والذي تعتبره ـ في الوقت الحالي ـ الأمين على المصالح والنفوذ السعوديين. والسعودية التي استثمرت مذهبياً وسياسياً في اليمن، حتى صارت لها الكلمة الأولى فيه، تجد نفسها غير قادرة على خسارة نفوذها الكبير الذي لا يضاهيه أي نفوذ آخر في اليمن، خاصة بعد خسارتها الكثير من مكانتها ونفوذها في العراق وافغانستان وفلسطين ولبنان وحتى في بلدان خليجية.

لهذا تعتبر السعودية أن حرب اليمن حربها هي، وهي قد اعترفت على لسان نائب وزير الداخلية السعودية الأمير أحمد بن عبدالعزيز، بأنها تدعم الحكومة اليمنية قبالة الحوثيين وتقدم كافة المساعدات، استثنى منها الدعم بالطيران السعودي الذي كانت أخباره تتردد منذ بداية المعارك. لكن الطيران السعودي اليوم يساهم بصورة واضحة في المعارك، من خلال طائرات اف 15 واف 16 وطائرات التورنادو التي اشترتها السعودية من بريطانيا واشتملت على رشاوى ضخمة.

ويقول المراقبون للوضع الميداني، بأن من المستحيل أن تحقق الحكومة السعودية انتصارات بقواتها الجوية فحسب، وبالتالي فلا بد وأن تدخل المعارك برياً، وهي مسألة وقت، قد تتورط فيها السعودية تدريجياً ثم لا تلبث ان تعجز عن التراجع، مثلما حصل للقوات المصرية في الستينيات الميلادية من القرن الماضي.

التدخل السعودي له محاذير على الوضع اليمني، فقد أفادت الأنباء اليوم بأن تمرداً أولياً ظهر في لواء العماليق، وهو أقوى لواء في الجيش اليمني، وكذلك عدّة ألوية تتشكل في معظمها من قوات جنوبية. ولاحظ مراقبون أن الدخول السعودية للأراضي اليمنية يغير طابع المعركة، فهو من جهة يبيّن ضعف الرئيس علي عبدالله صالح قبالة من أسماهم بالشراذم؛ ثم إن دخول القوات السعودية على خط المعارك يستثير حفيظة اليمنيين الوطنية ويخرج الحرب من تصنيفها كتمرد على السلطة المركزية وهو ما دأبت السلطات اليمنية على تسمية الحوثيين، الأمر الذي يجعل الحرب ذات صبغة وطنية (يمنية ـ سعودية) وهو ما أدّى فيما يبدو الى تمردات الجيش، الذي استشعر الإهانة من السعوديين.

وحتى الآن لم يعرف تماماً حجم التمرد، ولم يبد منه سوى قمة الجبل، ولكن استمرار الهجوم السعودي، سيكشفه على السطح في الأيام القادمة، كما يتوقع الحوثيون أنفسهم.

غنيّ عن القول بأن الذاكرة اليمنية تختزن احداث احتلال السعوديين لمساحات واسعة من الأراضي اليمنية في الثلاثينات الميلادية الماضي، كما أن تلك الذاكرة بثقل التدخلات المباشرة التي وصلت الى اغتيال السعوديين للرئيسين الأسبقين ابراهيم الحمدي، والغشمي. وزيادة في ذلك فإن الذاكرة اليمنية القريبة لا تجد صعوبة في تذكر ما قام به السعوديون أواخر عام 1990 حين طردوا أكثر من مليون عامل يمني وسلبوهم ممتلكاتهم.

في الجانب السعودي، لاتزال عمليات الإخلاء للمدنيين من قراهم، كيما يفسح المجال للجيش السعودي للتدخل، وقد أقيمت مخيمات جديدة في الخطوط الخلفية للقتال، وأعلن السعوديون سيطرتهم على جبل دخان، الذي سبق للجيش اليمني أن قال انه سيطر عليها يوم السبت 31/10/2009م (كما ذكرت ذلك صحيفة 22 مايو و26 سبتمبر الرسميتين في اليوم التالي)، وبعد يومين سيطر الحوثيون على الجبل، فتدخلت السعودية وقتل من حرس حدودها جندي واحد وجرح 11 حسب المصدر الرسمي السعودي.

ويتحدث الإعلام السعودي الموالي بأن يوم الجمعة الماضي قد جرى فيه تنسيق في التحرك مع القوات اليمنية، وأن هناك (زحفاً شاملاً) على ما أسمته (أوكار) الحوثيين في الملاحيظ، شمل إنزالاً لقوات سعودية في مواقع متقدمة، كما أن القوات السعودية تقوم بما تسميه بـ (تطهير المناطق الجنوبية) لجبل دخان عبر زج ثلاث كتائب داخل العمق اليمني.

وضمن الحرب الإعلامية السعودية، قال مراسل العربية بأن الحكومة السعودية جهزت كتيبة متخصصة في حرب العصبات، وأن هناك العشرات من الحوثيين قد أسروا، ولم تنسب الأمر الى جهات عسكرية رسمية. أما الخبراء بالمنطقة، فيعتقدون بأن السعودية تنتظرها خسائر كبيرة في المعارك البريّة، إذا ما طوّرت هجومها في العمق اليمني. وذكرت وكالة فرانس برس أن تسعة جنود سعوديين لقوا مصرعهم منذ اندلاع القتال قبل خمسة أيام وأصيب 126 آخرين بجراح.ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر في مستشفى صماطة بجيزان أن يوم الجمعة والسبت كانا "أصعب الأيام" من حيث عدد الجرحى الذين استقبلتهم المستشفى.

هذا وقد أكد الحوثيون في بيان لهم اليوم نبأ تغلغل القوات السعودية بأعداد كبيرة في الأراضي اليمنية، وأعلنوا استعدادهم لمواجهتها، وقال البيان: (بعد قصف جوي وصاروخي مكثف على الأراضي اليمنية خلال اليومين الماضيين من جانب النظام السعودي بدأ الآن تحركه البري باتجاه الأراضي اليمنية. وكما أكدنا سابقاً انه لا تواجد لنا في الأراضي السعودية، وأننا واجهنا الجيش اليمني في جبل الدخان باعتراف الجيش اليمني الذي أعلن سيطرته على الموقع، كما أن القصف الجوي والصاروخي السعودي استهدف الأراضي اليمنية ولم يستهدف سواها، لنؤكد أن الشعب اليمني سيكون له موقف أمام هذه الانتهاكات التي طالت السيادة اليمنية وإننا إذ نحمل السلطات السعودية آثار ما سينتج عنه انتهاك السيادة والأرض اليمنية وبدون أي مبرر، نؤكد جهوزيتنا الكاملة لمواجهة عدوانها مستعينين بذلك على الله سبحانه وتعالى وهو نعم المولى ونعم النصير).

وفي تطوّر لافت، ذكر المكتب الاعلامي للسيد عبد الملك الحوثي مساء هذا اليوم بأن الزحف السعودي على الأراضي اليمنية انكسر بعد أسر مجموعة من الجنود والإستيلاء على عدد من السيارات العسكرية المتنوعة، وكذلك العتاد والمؤن، فيما هرب بقية الجنود في صورة غريبة إلى عمق الأراضي السعودية وقد سيطر على مشاعرهم الخوف والهلع.

وحذر الحوثي مجدداً النظام السعودي من الاستمرار في عدوانه وانتهاكه للسيادة اليمنية، وذكره مجدداً بأن تورطه واستمراره في الحرب والعدوان سيضعه أمام رهانات خاسرة.